قدر الرجل على قدر همته. ( نهج البلاغة ٤: ١٣)        اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      إحذروا نفار النعم، فما كل شارد بمردود. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)     كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      
البحوث > الفقهية > نظرية الذمة في الفقه الإسلامي الصفحة

نظرية الذمّة في الفقه الإسلامي
الشيخ حسن الجواهري
لمعرفة نظرية الذمّة في الفقه الإسلامي، نعرض: ـ
١ ـ ما قاله علماء غير الشيعة فيها.
٢ ـ نعرض ما قاله علماء الشيعة في الذمّة.
٣ ـ ثمّ نتكلم فيما تخرب به الذمّة إن كان هناك شيء تخرب به.
١ ـ نظرية الذمّة عند علماء غير الشيعة
أولاً: ذكر السنهوري في الجزء الأوّل من كتابه (مصادر الحقّ) إن الذمّة هي: (وصف شرعي يفترض الشارع وجوده في الإنسان، ويصير به أهلاً للالزام وللالتزام، أي صالحاً لأن تكون له حقوق وعليه واجبات. ولما كانت هذه الصلاحية التي ترتبت على ثبوت الذمّة يسمّيها الفقهاء بأهلية الوجوب ـ إذ يعرفون هذه الأهلية بأنها: صلاحية الإنسان للحقوق الواجبات المشروعة ـ فإن الصلة ما بين الذمّة وأهلية الوجوب صلة وثيقة. فالذمّة هي كون الإنسان صالحاً لأنّ تكون له حقوق وعليه واجبات. وأهلية الوجوب هي هذه الصلاحية ذاتها. والذمّة تلازم الإنسان، إذ يولد الإنسان وله ذمّة بحكم أنّه إنسان، ومن ثمّ تثبت له أهلية الوجوب. فأهلية الوجوب إذن تترتب على وجوب الذمّة.
ولا يقتصر الفقه الإسلامي في الذمَّة على ما في الإنسان من الصلاحية للتملك والكسب أي على نشاطه الاقتصادي فحسب، بل الذمّة وصف تصدر عنه الحقوق والواجبات جميعها وان لم تكن مالية كالصلاة والصيام والحج، أو كانت مالية ذات صبغة دينية كالزكاة وصدقة الفطر والعشر والخراج. ومن ثمّ كان نطاق الذمّة واسعاً في الفقه الإسلامي حتى قال صاحب كتاب فخر الإسلام (اليزدوي) إن الذمّة لا يراد بها إلاّ نفس الإنسان.
وتبدأ الذمّة ببدء حياة الإنسان وهو جنين، فتكون له ذمّة قاصرة، إذ يجوز أن يرث وأن يوصى له وأن يوقف عليه. ثمّ يولد حيّاً فتتكامل ذمّته شيئاً فشيئاً، في المعاملات والعبادات والحدود حتى تصير كاملة، وتبقى ذمّة الإنسان ما بقي حيّاً وتنتهي بموته، وانتهاء الذمّة بالموت تختلف فيه المذاهب)(١).
وهذا المعنى الذي ذكره السنهوري مأخوذ من تعاريف علماء السنّة (أهل العامّة) للذمّة؛ فقد قال صاحب تنقيح الاُصول إن الذمّة: (وصف شرعي يصير به الإنسان أهلاً لمّا له وما عليه)(٢). وقد عرَّفها صاحب حاشية الحموي على الاشباه والنظائر بإنّها: (أمر شرعي مقدر وجوده في الإنسان يقبل الالزام والالتزام)(٣).

(١) مصادر الحقّ، السنهوري، ج١، ص٢٠ ـ ٢١.
(٢) ج٣، ١٥٢ عن الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد لمصطفى الزرقاء، ج٣، ص٢١٢.
(٣) ج ٣ / ٢١٠ عن الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، لمصطفى الزرقاء، ج٣، ص٢١٢.