من دخل مداخل السوء اتّهم. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )        لن لمن غالظك فإنّه يوشك أن يلين لك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      إفعلوا الخير ولا تحقروا منه شيئاً، فإن صغيره كبير وقليله كثير. ( نهج البلاغة ٤: ٩٩)        لا تقل ما لا تحب أن يقال لك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)        بئس الطعام الحرام. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      
البحوث > الفقهية > الربا دراسة فقهية قانونية تاريخية مقارنة الصفحة

الربا دراسة فقهية قانونية تاريخية مقارنة
د. الشيخ عبد الهادي الفضلي(*)

أهمية دراسة الربا
ترتبط أهمية البحث في موضوع الربا بما أثّره ويؤثّره من أفاعيل في الحياة الاقتصادية للناس، ذلك أنه أهم عامل في نشوء الاقطاع غير المشروع، وأقوى عامل في تكوين الرأسمالية غير المشروعة،اللذين هما السبب المباشر في وجود الطبقية الاقتصادية الواسعة بين أبناء المجتمع حيث تتجمع الثروة المالية لدى فئة قليلة من الناس عن طريق تعاملهم بالربا على حساب حرمان الآخرين من حقوقهم الطبيعية في تلكم الثروة وإبعادهم عن التمتع بها.
والجميع يعرف أن الرأسمالية الحديثة المتمثلة في الشركات المالية الكبرى والبنوك الربوية العالمية التي تدعم حكوماتها وتدعمها، هي السبب المباشر لوجود الاستعمار الحديث، الذي عانت منه الشعوب المعاصرة أقسى أنواع الحرمان، ومن ثم الاسترقاق المستور والآخر المكشوف.
كما أننا نعرف أن الاسلام تشريعاً وتطبيعاً حارب الربا الذي كان سائداً وشائعاً عند مجيئه بين أبناء المجتمع الجاهلي وفي العالم كله، وخرج من مقاومته له منتصراً بأروع انتصار، وأقام مقامه نظام البر والاحسان.
وقد راع هذا الانتصار العظيم كبار المرابين آنذاك، حيث هزموا أمامه اكبر هزيمة، فراحوا أمام أفاعيل بريق الذهب الوهاج ولمعان اللجين الخاطف للأبصار يتحينون الفرص والمناسبات للعودة الى ماكانوا عليه من الاقطاع والرأسمالية غير المشروعين، وواتتهم السانحة يوم ضعف الكيان السياسي للمسلمين، ودخلت الجيوش الغربية الرأسمالية أوطانهم وسيطرت عليها، وللقوي حكم قاهر وجائر في مقدرات الضعيف ومصائره، فكان أن نقلوا إلينا أنظمتهم الاقتصادية، خاصة أنظمة القروض المالية التي تقر جواز التعامل بالربا.

* عالم دين، وأستاذ في جامعتي الملك عبد العزيز بجده والجامعة الإسلامية في لندن.