كفى بالقناعة ملكاً وبحسن الخلق نعيماً/ نهج البلاغة ٤: ٥١.        لا تقل ما لا تحب أن يقال لك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      المرء مخبوء تحت لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ٣٨)        الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأتِه أتاك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      إحذروا نفار النعم، فما كل شارد بمردود. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)     
البحوث > القرآنية > فهم القرآن بين الظن واليقين الصفحة

فهـم القـرآن بين الظن واليقين
بقلم: د. محمد كاظم شاكر
تعريب: احمد العبيدي
عندما خلق الله الانسان وهبه قدرةً على البيان، تتيح له من خلال وضع الالفاظ ودلالاتها إيجاد قناة للتفاهم مع ابناء جنسه(١)،س ثم استعار الخالق تلك الوسيلة ذاتها لتعليم الانسان حقائق العالم وأسراره(٢)، وندبه الى التفكر في آياته الآفاقية والانفسية والتدبر في كلامه المنزل إليه من عنده، والإنطلاق نحو الاهداف السامية بقدم واثقة يحدوها فكر رصين ورؤى متماسكة.
والتفكر في الآيات مآله العلم، وغايته اليقين والقطع. وفي هذا السياق حث القرآن الكريم على نيلِ ما هو يقيني من المعارف، ونبذ ما هو ظني منها مشوب بالشك والارتياب. لكننا في مقابل ذلك نشاهد اليوم بعض الآراء التي تفسح المجال لأرَضَة الشك والنسبية بالتوغل الى روح المعرفة الدينية لتنخر أُسسها.
السؤال المثار هنا هو، الى أي مدى يمكن الوثوق بفهمنا للنصوص الدينية والقرآن بشكل خاص؟ بعبارة اخرى، هل يبلغ فهمنا للنصوص الدينية درجة اليقين، أم ان الشك والظن مخالط له أبداً؟
تبدأ هذه المقالة بتبيين ثلاث مراتب من الفهم ـ هي اليقين والظن والشك ـ ثم ننتقل منها الى تقييم طرق كسب العلم من القرآن من حيث درجات الفهم.

(١) ذكر اللَّه سبحانه موضوع تعليم اللغة والبيان بعد خلق الانسان في موضعين من القرآن الكريم، فقد ذكر موضوع الكلام المنطوق في سورة الرحمن بقوله تعالى: ((الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ)) (الرحمن: ١ - ٤)
اما بشأن الكتابة فقد ورد ذلك في قوله تعالى: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)) (العلق: ١ - ٥).
(٢) ((إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) (يوسف: ٢)، ((فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ)) (مريم: ٩٧)