ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلباً لما عند الله. ( نهج البلاغة ٤: ٩٥)      أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)      من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      إذا تم العقل نقص الكلام. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)        الحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      
البحوث > الرجالية > علم الرجال الصفحة

علم الرجال
الشيخ جعفر السبحاني
الرجال: علم يبحث فيه عن أحوال الرواة من حيث اتّصافهم بشرائط قبول أخبارهم وعدمه. وإن شئت قلت: هو علم يبحث فيه عن أحوال رواة الحديث الّتي لها دخل في جواز قبول قولهم وعدمه.
وربمّا يعرّف بأنّه علم وضع لتشخيص رواة الحديث ذاتاً ووصفاً، ومدحاً. والمراد من تشخيص الراوي ذاتاً، هو معرفة ذات الشخص وكونه فلان بن فلان. كما أنّ المراد من التشخيص الوصفي، هو معرفة أوصافه من الوثاقه ونحوها. وقوله: «مدحاً وقدحاً» بيان لوجوه الوصف، إلى غير ذلك من التعاريف.
والمطلوب المهّم في هذا العلم حسبما يكشف عنه التعريف، هو التعرّف على أحوال الرواة من حيث كونهم عدولاً أو غير عدول، موثّقين أو غير موثّقين، ممدوحين أو مذمومين، أو مهملين، أو مجهولين والاطّلاع على مشايخهم وتلاميذهم وحياتهم وأعصارهم وطبقاتهم في الرواية حتى يعرف المرسل عن المسند ويميّز المشترك، إلى غير ذلك ممّا يتوقّف عليه قبول الخبر.
موضوع علم الرجال هو رواة الحديث الواقعين في طريقه، فبما أن ّكلّ علم يبحث فيه عن عوارض موضوع معينّ وحالاته الطارئة عليه، ففي المقام يبحث عن أحوال الرواة من حيث دخالتها في اعتبار قولهم وعدمه، أمّا حالاتهم الأخرى الّتي ليست لها دخالة في قبول قولهم فهو خارج عن هذا العلم، فالبحث في هذا العلم إنَّما هو عن اتّصاف الراوي بكونه ثقة وضابطاً أو عدلاً أو غير ذلك من الأحوال العارضة للموضوع، أمّا الأحوال الأخرى ككونه تاجراً أو شاعراً أو غير ذلك من الأحوال الّتي لا دخالة لها في قبول حديثهم فهي خارجة عن هذا العلم.
ومسائل علم الرجال هي العلم بأحوال الأشخاص من حيث الوثاقة وغيرها، وعند ذلك يستشكل على تسمية ذلك علماً، فإنّ مسائل العلم تجب أن تكون كليّة لا جزئية، وأجيب عن هذا الإشكال بوجهين:
الأول: إن التعرّف على أحوال الراوي كزرارة ومحمّد بن مسلم يعطي ضابطُ كليّة للمستنبط بأنّ كّل ما رواه هذا أو ذاك هو حجّة، والشخص مقبول الرواية، كما أنّ التعرّف على أحوال وهب بن وهب يعطي عكس ذلك، وعلى ذلك فيمكن انتزاع قاعدة كليّة من التعرّف على أحوال الأشخاص، فكانت المسألة في هذا العلم تدور حول: «هل كلّ ما يرويه زرارة أو محمّد بن مسلم حجّة أو لا؟» والبحث عن كونه ثقة أو ضابطاً يعدّ مقدّمة لانتزاع هذه المسألة الكلّية.
وهذا الجواب لا يخلو من تكلّف كما هو واضح، لأنّ المسألة الأصليّة في هذا العلم هو وثاقه الراوي المعين وعدمها، لا القاعدة المنتزعة منها.