القناعة مال لا ينفد. ( نهج البلاغة ٤: ١٤)       ليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      هلك خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)      بئس الزاد إلى المعاد العدوان على العباد. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      
البحوث > المتفرقة > الشيعة رواد في تدوين التاريخ الصفحة

الشيعة روّاد في تدوين التاريخ
محمد علي چناراني
ترجمة: عباس الأسدي
رغم العقبات التي كانت تعترض طريق أتباع آل البيت ـ عليهم السلام ـ في صدر الإسلام والقرون الهجرية الوسطى، فقد سجّل لهم التاريخ حضوراً حافلاً في ميادين العلوم والمعارف الإسلامية والاوساط العلمية والثقافية المختلفة; ومن تلك الميادين التي برع فيها كتّاب الامامية ونقلوا فيها الحقائق ساطعة دون تشويه تتناقلها الاجيال واحداً بعد آخر، ميدان كتابة التاريخ.
ويبدو في الوهلة الأولى أن الخوض في هذا المجال لا يضاهي من حيث الأهمية كتابة الحديث والانصراف إلى بعض المعارف الإسلامية الأخرى، إلا أن المتأمل المدقق يتوصل إلى أن حكم التاريخ وتقارير المؤرخين كان لها دور كبير في تحديد معالم الشخصيات، ورسم الخطوط الفكرية والثقافية والسياسية، ومن ثم القبول بروايات المحدثين والثقة بكلام العلماء والمفكرين.
فثمة حقائق كثيرة لو لم يبادر إلى تدوينها وتسجيلها، لتغير الكثير من معالم الجغرافيا الثقافية والسياسية للأمة الإسلامية حالياً، ولظهرت خطوط وفرق عقائدية على غير الذي عليه الآن. وقد ترك الكثير من الأكاذيب والافتراءات التي تم تناقلها عبر التاريخ تأثيرها على المواقف العلمية والعملية للأمة، ولربما يصفني البعض بالمبالغة وأنا أقول: إن نبض العديد من التيارات الفكرية والعقائدية والسياسية للأزمنة التالية، قد تحرك من خلال التاريخ بيد مؤرخي الأزمنة السابقة ولكن يكفي للإشارة إلى أهمية التاريخ وفاعليته تخصيص القرآن الكريم بعض آياته المباركة لذكر الحوادث التاريخية، وسير الانبياء والأمم السالفة، ومنها قوله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إبْرَاهِيمَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً)(١).
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً)(٢).
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ)(٣).
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إدْرِيسَ إنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً)(٤).
وكذلك تحدث القرآن الكريم عن الأنبياء إسحاق ويعقوب ونوح ولوط وزكريا ويحيى وعيسى والياس ويونس وشعيب وسليمان وصالح ويوسف ـ عليهم السلام ـ وغيرهم، وروى مصائر أمم سالفة من مثل قوم نوح وقوم فرعون وقوم عاد وثمود وقوم إبراهيم، وأصحاب مدين وقوم يونس وقوم لوط وقوم هود وقوم صالح وقوم تبّع واصحاب الأيكة وغيرهم جملة أو تفصيلاً.

(١) مريم: ٤١.
(٢) مريم: ٥١.
(٣) مريم: ٥٤.
(٤) مريم: ٥٦.