لا ورع كالوقوف عند الشبهة. ( نهج البلاغة ٤: ٢٧)      آلة الرياسة سعة الصدر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)      من وضع نفسه مواضع التهمة فلا يلومنّ من أساء به الظن. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      قدر الرجل على قدر همته. ( نهج البلاغة ٤: ١٣)      
البحوث > المتفرقة > حركة المرأة المسلمة في الأسرة والمجتمع الصفحة

حركة المرأة المسلمة في الاُسرة والمجتمع والعمل الوظيفي
حسين علي المصطفى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث عن المرأة هو الحديث عن الحياة بكل أبعادها، فهي الركن الأول والجامع الجوهري للاجتماع الإنساني، قـال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)(١). وكلنا يعلم أنّ الإسلام جاء في فترة اختلال لموازين العدل والرحمة في زمن تسوده العقائد الأرضية الهابطة، فأراد الدين الإسلامي أن يعطي الفرد الصورة الكريمة اللائقة بمنزلته بين المخلوقات، وجاء الإسلام لا ليعطي المرأة كرامتها، بل ليغيّر نظرة الديانات والفلسفات بالنسبة لوجود الكائن الإنساني، فكانت نظرتها إليه دون المنشود إليه من قبل الخالق عز وجل، فلا بد أولاً أن نقف على نظرة الديانات والفلاسفة قبل الإسلام للإنسان.

مكانة الإنسان قبل الإسلام
عند فلاسفة اليونان:
كان الإنسان مثار اهتمام فلاسفة اليونان بقدر اختلاف مدارسهم ومشاربهم، فقد تناوله سقراط في محاوراته التي دعا إلى التركيز على حقيقة النفس الإنسانية من خلال مقولته الشهيرة: (اعرف نفسك بنفسك أيها الإنسان) جاعلاً من تلك الحكمة قاعدة لفلسفته برمتها، وأشار افلاطون إلى أنّ النفس الإنسانية قد جاءت من عالم آخر إلى هذا العالم المادي، ولما ألفته تدنّست، وفقدت طهارتها، وتقيّدت بحياة الحس، وركنت إلى الشهوات؛ لذلك وجب على الإنسان أن يحارب تلك الشهوات الحسيّة، وأن يسعى إلى تزكية نفسه بالمعرفة والفضائل، لكي تعود إلى عالم الطهر الذي جاءت منه.
وأما أرسطو، فقد تناول الإنسان من حيث تركيبته المزدوجة، فرأى فيه حيواناً ناطقاً؛ لذلك يجب عليه أن يستعمل عقله ليكون سعيداً في حياته، وأن يعتصم بالحكمة التي هي أعظم فضيلة وأكبر سعادة للإنسان.

الإنسان في التوراة
لو نظرنا إلى موقف التوراة من الإنسان، لوجدنا أنّ آدم في التراث الديني اليهودي قد اُخرج من مجال حياته الأول (الجنّة) إلى الأرض، عاصياً مطروداً معاقباً، ولا تدل النصوص الأولى لهذا التراث على أنّ حياة الإنسان على الأرض كانت خطة إلهية مرسومة، بل جاءت عارضة بسبب معصية الإنسان، وصارت الأرض ملعونة بسببها، بل إنّ الرب حسب رواية التوراة حزن، لأنّه جعل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، حتى أراد أن يمحو الإنسان على وجه الأرض.

(١) الروم: ٢١.