خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)        اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار. ( نهج البلاغة ٤: ١٩)      لا يستحين أحدٌ إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      قيمة كل امرئ ما يحسنه. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      
البحوث > المتفرقة > الدين فطرة الصفحة

الدينُ فطرةٌ
الشيخ مرتضى المطهري
هل للدين نهاية ؟
إن عالمنا عالم التغير والتحول، فلا يبقى شيء ثابتاً، بل انّه سيتحولويشيخ، وبعد ذلك يموت، وينطفئ، وينقضي عمره، فهل الدين كذالك ؟
وهل للدين مرحلة زمنية، اذا مرّت، وانقضت فسوف ينقضي عمر الدين أيضاً، اَم ليس الأمر كذالك، بل دائم باق بين الناس، واذا حدث، أن ظهرت حركة، معادية للدين، تحاربه، وتحاول القضاء عليه، فالدين رغم ذلك، لا يموت، ولا ينطفئ، بل، انه سيبقى نابضاً، سيظهر، ويثبت وجوده، بأشكال وصور اُخرى بعد فترة وجيزة ؟
يقول ويل ديورانت ـ وهو لا يؤمن بأيّ دين، في كتابه (دروس التاريخ) في بحثه حول التاريخ والدين: (للدين مئة روح، كل شيء اِذا قُضي عليه، في المرة الاُولى، فإنّه سوف يموت وإلى الآبد، إلاّ الدين، فإنّه لو قضي عليه مئة مرّة، فإنّه رغم ذلك، سيظهر، وتنبعث فيه الحياة بعذ ذلك).
ستكون دراستنا في حدود القوانين والنواميس الطبيعية; ما هي الأشياء، التي تبقى والأشياء التي تفنى وتموت؟ ولا يتعرّض حديثنا للاُمور الخارجة عن مدار الظواهر الاجتماعية، بل سيتحدّد في هذا المجال.
مقياس الخلود
انّ الظواهر الاجتماعية التي تحتفظ بوجودها خلال عمرها، لا بد أنّ تكون متلائمة مع الرغبات والحاجات البشرية، أي أنّها: أمّا أن تكون بنفسها حاجات بشرية، أو أنّها وسائل لاشباع تلك الحاجات الانسانية، بمعنى: أنّ البشر في أعماق فطرتهم يبحثون عنها، ويرغبون فيها، أو أنّها ليست كذلك فلا يرغب بها الانسان في عمق فطرته وغريزته، ولا تستهدفها الميول البشرية، ولكنها وسائل لاشباع حاجاته الفطريّة الأولية.
وحاجات البشر على قسمين: حاجات طبيعية، وحاجات غير طبيعية، أي (العادات).
أمّا الحاجات الطبيعية، فانها تعني تلك الاُمور التي يحتاجها الانسان بما أنه انسان. ولم يكتشف سرّها حتى الآن، كحب المعرفة، والاستطلاع، وحبّ الشهرّة والجمال، والرغبّة في الاُسرة والنسل، فرغم أنّه سوف يصيبه التعب والكلل في سبيلها ولكن رغم ذلك يرغب فيها، ويسعى في اشباعها وارضائها.
وأمّا لماذا يرغب في المعرفة والجمال، وما هو واقع هذه الرغبات، ولماذا يلتذّ بها ؟ هذه اسئلة، تبحث عن الجواب، وسواء تمكنّا من الجواب عليها أم لا، فإنّ هذه الرغبات والحاجات موجودة فعلاً في الطبيعة الانسانية.