عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)        ربما كان الدواء داءّ والداء دواء. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      من أكثر من ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ ـ ٨٢ )      بكثرة الصمت تكون الهيبة. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)      من أمن الزمان خانه، ومن أعظمه أهانه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٦)      
البحوث > المتفرقة > الرشد الإسلامي الصفحة

الرشد الإسلامي
الشهيد الشيخ مرتضى المطهري
يدور البحث ـ في هذه الدراسة ـ حول (الرشد الاسلامي). والرشد من المفاهيم الاسلامية التي ذُكرت في بعض مجال الأحكام والوظائف.
هناك عدّة شروط للتكليف، ومنها العقل، فإذا لم يكن الانسان عاقلاً، بأن كان مجنوناً، مثلاً فلا يتوجه التكليف له، ومنها البلوغ، وغير البالغ كالمجنون لم يكلّف بأي تكليف. ولم يُطالب بأيّ وظيفة من الوظائف.
والرشد من المفاهيم التي تضمنته القوانين والتعاليم الاسلامية، وهو يعبّر عن عمق التعاليم الاسلامية. فانه وان لم يعتبره الاسلام من شروط التكليف ، وينطوِ ذلك على مغزى كبير ـ ولكنّه باصطلاح الفقهاء يعتبر شرطاً لبعض الأحكام الوضعية، وشرطاً لقبول بعض الوظائف والمسؤوليات.
والرشد ـ في المصطلح الاسلامي ـ يقع في الجهة المقابلة لما يسمّى بالسفاهة، فالانسان الرشيد هو الذي لا يكون سفيهاً، وفرقه عن العقل، أن العقل يقابل الجنون، والمجنون لا يكلّف بشيء، وحتى لا يمكن أن يكلّف بعلاج نفسه، واصلاح عقله، لأنه أدنى مستوى من ذلك، ولكن الرشد لم يقع مقابل الجنون، فالانسان الرشيد رغم كونه عاقلاً ـ وليس بمجنون ـ لأنه لو كان مجنوناً فلابّد من نقله لمستشفى المجانين، لمعالجته، ولكن لا يملك القابلية على تحمل المسؤوليات والوظائف، والقرآن الكريم يقول حول اليتامى (حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم).
والاسلام يقول: لا يكفي البلوغ لوحده في اليتيم، ليستقل في تصرّفاته، ولا يكون مشمولاً للوصاية عليه، ولذلك يمكننا وضع أمواله باختياره بحجّة أنه قد بلغ السن القانوني للبلوغ، فالقرآن الكريم يؤكد على ضرورة توافر شرط آخر وهو (الرّشد)، فبعد وصوله لمرحلة البلوغ، فلابّد من تعريضه للامتحان والتجربة، لنكتشف من خلال ذلك، هل أنه يتّسم بميزة الرّشد أم لا؟ فإذا وضعت في يديه رصيداً مالياً. فهل يتمكن من تدبيره، واستثماره استثماراً سليماً أم لا؟ فهناك الكثير من الأفراد قد بلغوا، سن البلوغ القانوني. ولكنهم يفتقدون ميزة الرّشد، أي أنهم لا يتمكّنون من الحفاظ على ثروتهم.
والاستفادة المثمرة منها، فيمكن أن يقعوا عرضة لخداع الآخرين واستغلالهم.
ويتوضّح مما سبق أن الجنون والعقل مسألة، والرشد وعدم الرشد مسألة اُخرى، فالجنون مرض ولا علاج له الاّ الطبيب والدّواء، وأما عدم الرّشد فهو ناشئ من سوء التربية والتعليم، وعدم الرشد يعني عدم المعرفة لا عدم العقل.
والاسلام في مسألة الزواج، لا يرى كفاية البلوغ والعقل، في البنت والولد ليتمكنا من عقد العلاقة الزوجية بينهما، بل يرى ضرورة وصولهما لمرحلة اُخرى، عقب مرحلة العقل والبلوغ، وهي مرحلة الرشد، ولا نهدف من الرشد، الرّشد البدني فحسب، بل الرشد الفكري والروحي، أي أن الولد يفهم ماذا تعني العلاقة الزوجية، وما هي متطلبات قوله (نعم) في عقد الزواج، فلابّد أن يكون واعياً بما