ربّ يسير أنمى من كثيرٍ. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)        إسع في كدحك ولا تكن خازناً لغيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      أشد الذنوب ما استهان به صاحبه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      
البحوث > المتفرقة > الإمام الخميني رائد الإحياء الإسلامي المعاصر الصفحة

الإمام الخميني رائد الإحياء الإسلامي المعاصر
السيد محمد خاتمي
لا يمكن لمتدين الا ان ينشد لدينه في ساحة الفكر ومعترك الحياة العظمةَ والعزةَ والاقتدارَ وان يطلب له ايضاً التفوق على المنظومات الفكرية الاخرى، وكم من الاديان عانت فترات عصيبة من العزلة والاضطهاد، رغم انها كانت طوال أزمنة محل اقبال لدى الناس، ومبعثاً على التغيير والتحول في افكارهم وحياتهم. وكم من الاديان لم يبق منها اليوم غير أسمائها أو رسومها. ولقد وجد، على الدوام متدينون غيارى ذادوا عن الدين وعدالته وجاهدوا في سبيل استرجاع سيادَته وقد وُفّق بعضهم الى ذلك. ان شر آفة تعرض لدين له قدرة البقاء والاستمرار١، فتبعده عن الحياة أو تبدل صورته او تكبح نشاطه وفاعليته، هي (البغي) بدلالاته القرآنية. وللبغي جذور تضرب عميقاً في أهواء الانسان وميوله.

(١) احياء الدين والفكر الديني يكون ذا معنى عندما يكون الدين المعني قابلاً للبقاء. وطبيعي ان ما يختص بزمان ومكان محددين يكون حياً في حدود ذلك الزمان والمكان ولا قدرة له على البقاء والحياة خارجهما، شئنا ذلك ام أبينا. وان المعني بالدين هو الانسان. كما ان أوضاع دنيا البشرية وحياتها في تحول مستمر. وكلا الجانبين المعنوي والمادي من حياة الانسان معرَّضان للتغيير والتحول. من هنا فان الانسان اليوم يختلف اختلافاً فاحشاً عن الانسان في الماضي، سواء من ناحية الفكر والعادات والتقاليد، أو من ناحية ارتباطه بالعالم والطبيعة وطريقة تحكمه بهما. وهنا يكمن سر تغيَّر الثقافات وتحولها ايضاً. فالثقافة هي حصيلة تفاعل افكار الانسان ومعتقداته وميوله ورغباته مع حقائق الحياة، التي ترتبط بالزمان والمكان بقوة، وتقع تحت تأثير عوامل متغيرة مختلفة.فعندما يتغيَّر الواقع أو الاعتبارات الانسانية، يتغير الكثير من مباني الثقافة ومظاهرها أيضاً. أجل، ان نظرة الانسان واحتياجه، ومن ثم وضعه وحاله، جميعها تتغير بمرور الزمان. فهل يعقل في هذه الحال ان يوجد دين ثابت للبشرية.
نحن نؤمن بأن الاسلام خاتم الاديان وأنه لابد من السيادة على الانسان في كل زمان وكل مكان الى الابد. ومع أخذ ما أسلفناه بعين الملاحظة فان صحة هذا الادعاء مشروطة بشروط ثلاثة:
أولاً: في ذات الانسان ووجوده ثمة شيء يبقى ثابتاً لا يتغير في كل الاحوال والاطوار والازمنة والامكنة المختلفة.
ثانياً: ينسجم الدين الذي نقصده مع هذا الامر الثابت، ويتناسب معه ويوائمه.
ثالثاً: يتمتع الدين الخالد بدرجة من المرونة والشمولية بحيث انه، في ثباته بما يتناسب وثبات وجود الانسان، ينسجم ايضاً مع الجوانب المتغيرة من وجود الانسان، ومن تلبية احتياجاته الاجتماعية والفردية القابلة للتغيير والتي تتجدد لحظة بعد اخرى في ميدان التاريخ. وهذا ما سيشكل الاسس الموضوعية لبحثنا.