لا يَصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. ( نهج البلاغة ٤: ٧٤)        عوّد نفسك التصبُّر على المكروه ونعم الخلق التصبّر. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)        أحسن كما تحب أن يُحسن إليك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإذا كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر. ( نهج البلاغة ٤: ٩٤)        خذ على عدوك بالفضل فإنّه أحلى الظفرين. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      
البحوث > المتفرقة > الاستخارة الصفحة

الاستخارة
* أركان التميمي

الفصل الأول شيوع ظاهرة الإستخارة في المجتمع
قال أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ: ((بعثني رسول الله (ص) إلى اليمن, فقال وهو يوصيني: يا عليُّ ما حار من استخار، ولا نَدِمَ مَن استشار)) (١).
تعجّ الحياة بألوان متعددة من المشاكل، وأصناف متنوعة من المعضلات، صغيرة وكبيرة، اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية, أو حتى سياسية، تقف أمام الإنسان فتأخذ من جهده وتفكيره في علاجها وحلّها، وقد يكون الحل سهلاً يسيراً، وقد يكون صعباً عسيراً.
والإنسان بين هذا وذاك قد تلفّه الحيرة بردائها، ويفرض القلق والتذبذب نفسه عليه فيروح متفكراً في حلٍّ لمشكلته، ومخرج من معضلته. إن تلك المشاكل تلجؤه إلى البحث عن مصادر حلول تحل مشاكله، وملاجئَ يخلد إلى الراحة في كنفها ويعلق عليها همومه، فَيُعمل عقله وتفكيره، ويبحث ويستشير، ويسأل ويحاول، حتى يصل إلى ما يقتنع به.
وهناك حلٌ يضاف إلى تلك الحلول في مجتمعنا الديني وهو (الاستخارة)، وهو محور حديثنا في هذا البحث.
ومن الواضح أن المجتمع الديني يختلف عن المجتمع الذي لا يقيّده الدين حتى من هذه الناحية، فالإنسان المتدين يعالج مشاكله بتدبر وتعقل واستشارة، وهناك باب الاستخارة، يطرقه الإنسان المتدين أيضاً بحثاً عن منفذ له في حيرته ومشكلته, وهذا نوعٌ من الالتجاء إلى الله عز وجل.
وللإنسان المتدين قنوات متعددة تربطه مع الله، كالصلاة والدعاء... وغيرها، ومنها الاستخارة، بينما نجد أن غير المتدين ـ ونقصد بغير المتدين: الإنسان المنسلخ عن الدين تماماً ـ ليس في قاموسه الالتجاء إلى الله، إلاّ ما تفرضه عليه فطرته في اللجوء إلى الله عند الشدائد.
فالاستخارة لها حضورها في مجتمعنا، وهذا شيء نلمسه بوضوح، وسنقف نحن معالجين لظاهرة المبالغة في اللجوء إلى الخيرة ؛ لأن كثيراً من الناس تكونت عنده تصورات خاطئة عن الاستخارة، فهو لا يفهم ما الاستخارة، ولا يعرف الوقت الذي ينبغي فيه اللجوء إليها.

(١) أمالي الطوسي: ص ١٣٧.