الجئ نفسك في الأمور كلّها إلى الهك فإنّك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه. ( نهج البلاغة ٤: ٦)        أمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم. ( نهج البلاغة ٤: ٣)       المال مادة الشهوات. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)      
البحوث > المتفرقة > حقوق الإنسان في الإسلام الصفحة

حقوق الإنسان في الإسلام: المبادئ والامتيازات
الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
إنّ مسألة حقوق الإنسان لازمت التاريخ البشري منذ أن وُجد الإنسان على البسيطة، ولم تنحصر دائرتها فيما بين ذوات بني الإنسان انفسهم، بل اتسعت لتشمل كل متعلقاتهم من مفردات الطبيعة التي يعايشونها حيازة واستثماراً، إلاّ إنه منذ أن ظهر الطاغوت على الارض كقوة حاكمة، بدأت الانسانية تعاني ألواناً من الهدر للكرامة والسحق للارادة، ومصادرة الحريات وغصب الحقوق والاموال، وكثيراً ما كان طغيان الطواغيت وجور السلاطين يأخذ أبعاداً مأساوية، تنتهي إلى سفك دماء الآلاف بل الملايين من البشر، وتشريد اضعافهم، وهتك أعراضهم، والغارة على الاخضر واليابس من مقومات حياتهم.
ولم تعش البشرية انفراجاً حقيقياً لها من معاناتها هذه واستعبادها وسحقها، إلاّ في ظل دعوات الانبياء الطاهرين واتباعهم المخلصين، الذين حملوا لهم رسالة السماء السمحة، وخاضوا كفاحاً مريراً لانقاذ الإنسان بها من براثن الطواغيت، وكان في مقدمتهم انبياء الله الخالدين: إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وخاتمهم وأكملهم نبي الرحمة الالهية والإسلام العظيم محمد صلى الله عليه وآله، الذي وصف اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليه السلام ـ رسالته والفترة التي بعث بها بقوله: ((أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الامم، واعتزام من الفتن، وانتشار من الاُمور، وتلظٍّ من الحروب، والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست منارُ الهدى، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة لأهلها، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف))، وقوله ـ عليه السلام ـ: ((إن الله بعث محمداً ـ صلى الله عليه وآله ـ نذيراً للعالمين، وأميناً على التنزيل، وانتم معشر العرب على شرّ دين، وفي شرّ دار، منيخون بين حجارة خُشن، وحيّات صمّ، تشربون الكدِر، وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم، وتقطعون ارحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة))، وقوله ـ عليه السلام ـ أيضاً: ((واهل الأرض يومئذ مللٌ متفرقةٌ، وأهواءٌ منتشرةٌ، وطرائق متشتتة))(١).
ولئن عانت دعوات الانبياء الطاهرين عليهم السلام، والرسالات التي بعثهم الله تعالى بها قبل نبينا محمد صلى الله عليه وآله، من كيد الطغاة واعوانهم في صدّهم وتحريف نص رسالاتهم، فإن دعوة رسولنا الامين محمد ـ صلى الله عليه وآله ـ قد عانت أيضاً من محاولات تحريف التأويل، وصدٍّ عن اكمال البلاغ في الدين، وغصب للحق الالهي في مَن ولاه امور المسلمين، فخاص الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ وأهل بيته الطاهرون ـ عليهم السلام ـ واتباعهم المخلصون ________________________________
(١) نهج البلاغة.