ثمرة التفريط الندامة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٣)        أخلص في المسألة لربّك فإن بيده العطاء والحرمان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)        لا تظلِم كما لا تحب أن تُظلَمَ. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)       ليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥ )      
البحوث > المتفرقة > العلمانية في العالم الإسلامي الصفحة

العلمانية في العالم الاسلامي
(الوطن العربي نموذجاً)
د. رضوان السيد(١)
تمهـيد:
على مشارف السبعينات من القرن الماضي، وبالتحديد عام ١٩٧١ دعت دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الدكتور محمد البهي (ـ ١٩٨٢) لإلقاء محاضرة بعنوان: «العلمانية والاسلام بين الفكر والتطبيق». كان لبنان وقتها يشهد المقدمات التي قادت الى انفجار النزاعات في صورة حرب أهلية شاملة عام ١٩٧٥.
وكما في كل بلد تنسدُّ فيه آفاق الحياتين السياسية والثقافية، فإن القضايا تفقد عناوينها وأهدافها، ولذلك فقد كانت العلمانية وقتها أحد التعبيرات عن ذاك الضياع، وعن التوترات الداخلية التي اتخذت أبعاداً طائفية. فقد كان المسلمون يعتبرون أن هناك تمييزاً ضدّهم في الدستور والنظام السياسي لصالح أرجحية وامتيازات مسيحية في صلاحيات رئيس الدولة، وعضوية البرلمان والوزارة، والوظائف العامة. أما المسيحيون فقد كانوا يرون ـ شأن كثيرين منهم حتى اليوم بسبب التعديلات التي أُدخلت على الدستور في الطائف عام ١٩٨٩ ـ أنّ تلك ليست امتيازات بل ضمانات للمسيحيين حتى لا تتعرض حقوقهم وحرياتهم للانتقاص وسط تنامي أعداد المسلمين في لبنان، والكثرة الاسلامية في العالم العربي.
فإذا أصرّ المسلمون على المساواة في المواطنة، فإن المسيحيين منذ الخمسينيات من القرن العشرين كانوا يصرون ـ وما يزالون ـ على سبيل المجادلة والمماحكة على أن ديمقراطية المساواة الحديثة في أوربا والعالم تقتضي علمنة شاملة، أي فصلاً للدين عن الدولة. ويعني ذلك من وجهة نظرهم شمولية القوانين المدنية للأحوال الشخصية أيضاً، وهو البُعبُع الذي لم يكن المسلمون بعامة يستطيعون تقبُّله.
وقد سلك المسلمون مسالك مختلفة في مواجهة هذا التحدي. فالفريق الأكبر تحدثوا عن إلغاء الطائفية السياسية، لأنها ـ أي الطائفية السياسية ـ هي موطن الداء الذي يمارس فيه التمييز ضدّهم. وكان هناك فريق آخر رأى أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية دونما انتقاص لحقوق الأقليات، والمسلمون هم الأغلبية، لكن كان هناك فريق ثالث أيضاً يتكون من بعض السياسيين والمثقفين المسيّسين. هؤلاء رأوا أنه لا ضرر من التفكير بعلمانية جزئية إذا كانت

(١) مفكر واستاذ جامعي لبناني.