أحسن كما تحب أن يُحسن إليك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)      في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم. ( نهج البلاغة ٤: ٦٦)      بكثرة الصمت تكون الهيبة. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)      من كتم سره كانت الخيرة بيده. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      
البحوث > المتفرقة > السهل الممتنع يحتضر الصفحة

السهل الممتنع يحتضر
بقلم: عبد المطّلب محمد
لو تصفحنا المجلات والصحف القديمة ذات العناوين الشهيرة التي عاشت بين القرّاء والمساهمين فيها منذ مطلع القرن العشرين الى الستينيات، وبالتحديد الموضوعي، حين ظهور وانتشار الادب الجديد في الصحف والمجلات الحديثة، لوجدنا موضوعاتها الادبية ـ في الاعم الاغلب ـ متميّزة في اسلوبها (السهل الممتنع) فما ان تنتهي الى الاسماع والعيون حتى تدخل القلوب بدون استئذان، ولربما طغى تأثيرها على قسمات وجوهنا وتصرفاتنا.
ان هذا النوع من الادب ـ شعراً ونثراً ـ قلّما نجده في الصحافة الحديثة، واذا وُجِد فلا يعدو كونه حاجة تراثية يحتفظ بها على أنها تحفة تخلّفت عن زمنها وأهلها، فهي تسبح في تيّار غريب يحملها باشمئزاز.
وهذه ظاهرةٌ يؤسف لها، لأنها ـ في الحقيقة ـ تريد الغاء الطرح القديم الواضح اساساً من الادب. والاتجاه به الى منحىً جديد غريب، الى درجة ان المثقف يعسر عليه فهم مايريد الكاتب او الشاعر. فضلاً عن القارئ الاعتيادي.
وعلى هذا يشعر المثقّف، الذي يريد ان يقرأ الادب، بالخيبة لانه لايجد مايقنعه ويشبع نهمه الادبي.

وجدانية الادب التقليدي
لانريد في موضوعنا هذا محاربة التجديد في الأدب، ولانريد له أن يقف عند حدِّ التقليد. ولانقبل بالجمود على المتنبي او ابي تمام او ابي فراس او احمد شوقي او الجواهري او غيرهم، وانما نريد تجديداً وابداعاً لا على حساب الوضوح والاختراق المباشر للقلوب والعواطف. فالتجديد ضروري، والابداع ضروري ايضاً، وإِلّا فقد وقفنا عند نقطة وحكمنا على مستقبلنا الادبي بالإلغاء او بالاعدام ـ اِن صحّ التعبير ـ .
التجديد ضروري ولابدّ منه، ولكن الى الافضل المقبول عند اكبر قطّاع من الناس. فأيّ نفع لقصيدة أو قصة منشورة في مجلة من المفروض ان يقرأها آلاف القراء، لايفهمها إِلّا عدد محدود من الخاصّة؟ وحتى هؤلاء (الخاصة) لانشكّ في انهم يفهمونها فهماً مشوّشاً، لانها غامضةٌ في حدِّ ذاتها وليس الغموض طارئاً عليها كما يُعتقد.
ومرة اخرى نقول ان الابداع والتجديد ضروريان ومهمّان جدّاً في حياتنا المعاصرة التي افرزت كلّ جديد في مختلف حقول المعرفة والعلوم. ولولا هذا لبقيت حياتنا متخلفة ولما استطعنا ان ننجز الانجازات التي بهرت العقول وخدمت البشرية أيّما خدمة.