المنحى الاصلاحي عند الامام السيد محسن الامين
حسين علاوي*
اضحت قضية التغيير والإصلاح منذ بدايات هذا القرن قضية معقدة وتتطلب تحدياً ووعياً بمستواها، وهذا الوعي المركب لا يمكن إلاّ ان يكون منهجاً يأخذ بابعاد المعوقات كلها، والتحديات الفكرية والعلمية والحضارية على مستوى التنظير والتطبيق، خاصة عندما يراد من الدين ان يكون حركة وثورة وبديلا يتجاوز الفكر المجرد والاماني العريضة، ويحولها إلى حركة ايمانية قوية تعيد صياغة شخصية الإنسان المسلم، وتنقذه من الحيرة والزيغ والإنحراف، وتُعيد إليه اصالته الإسلامية الواضحة وتضع الامة على خط الإسلام الصحيح.
ولابد لكل مخلص لدينه ان تكون له في كيان الجيل الجديد قراءة تعتمد الايمان وتحقق صلابة المواقف والجهاد المتواصل، و يمكن ملاحظة هذه القراءة فيما انجزه المصلحون والعلماء عبر قرن من المعاناة والصراع، والتمحيص في اطار الضوابط الاصولية الصحيحة في فهم الكتاب والسنة، ولإدراك حقائق الحياة والتغيير الهائل الذي يجري في عالمنا اليوم.ومن النماذج التي سطعت في مطلع هذا القرن، السيد محسن الامين (١٨٦٧ ـ ١٩٥٢ م) فقد كان ثورة عارمة عبّرت عن حاجة عقائدية وحضارية مصيرية لإعادة البناء الجديد في التفكير والسلوك الاسلامي برمته، ووضعت المسلمين على الطريق الصحيح وحددت امامهم المأساة التي يعيشون فيها، واوضحت لهم سبيل الخلاص في العودة الواعية إلى الكتاب والسنة، والتخلص من مظاهر البدع المتنوعة... والعقلية الخرافية، والعادات السلبيه، والتواكلية المميتة التي حطمت قوى التغيير في حياة المسلمين في القرون السابقة والاخيرة، وما زالتتعيق عملية انتقال المجتمع الإسلاميمن مرحلته الراكدة الى المستقبل المتغيّر البنّاء.
وقد أُسبغت على آرائه وحركته شمولية واضحة، إذ ابدى رأيه في كل قضية اسلامية، اجتماعية، سياسية، اقتصادية وتربوية واجهت حياة المسلمين في عصره، ودعا إلى تجديد الحياة الفكرية والحضارية دون تعصب او جمود او انغلاق، واراد الإسلام للناس عقيدة واضحة في الكون والحياة والإنسان، قائمة على التوحيد الخالص، منسجمة مع طبيعة الاشياء.
وقد تضمن مشروع السيد الامين جملة من القضايا، دمجها في خطة ذات حلقات سنتوقف عند بعضها بايجاز.
رائد الاحياء في الحوزة العلمية
شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر ولادة جيل من المفكرين والمصلحين المسلمين
* كاتب اسلامي مقيم في الجمهورية الاسلامية في ايران.
