من أكثر أهجر، ومن تفكر أبصر. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        رب قريب أبعد من بعيد، ورب بعيد أقرب من قريب. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)        لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)        اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      في عقب غيركم تحفظوا في عقبكم. ( نهج البلاغة ٤: ٦٦)      
البحوث > المتفرقة > الإيمان بالله في ضوء المذهب التجريبي الصفحة

الإيمان بالله في ضوء المذهب التجريبي
السيد كمال الحيدري
حينما بدأت التجربة تبرز على صعيد البحث العلمي كأداة للمعرفة، وأدرك المفكّرون أن تلك المفاهيم العامّة لا تكفي بمفردها في مجال الطبيعة لاكتشاف قوانينها والتعرّف على أسرار الكون، آمنوا بأنّ الحسّ والملاحظة العلميين هما المنطق الأساس للبحث عن تلك الأسرار والقوانين. وكان هذا الاتجاه الحسّي في البحث مفيداً على العموم في تطوير الخبرة البشرية بالكون وتوسيعها إلى درجة كبيرة.
وقد بدأ هذا الاتجاه مسيرته بالتأكيد على أن الحسّ والتجربة أداتان من الأدوات التي ينبغي للعقل وللمعرفة البشرية أن تستعملهما في سبيل اكتشاف ما يحيط بالإنسان من أسرار الكون ونظامه الشامل، فبدلاً عن أن يجلس مفكّر كأرسطو في غرفته المغلقة الهادئة يفكّر في نوع العلاقة بين حركة الجسم في الفضاء من مكان إلى مكان والقوّة المحرّكة فيقرّر أن الجسم المتحرّك يسكن فور انتهاء القوّة المحرّكة، بدلاً عن ذلك يباشر غاليلو تجاربه ويمارس ملاحظاته على الأجسام المتحرّكة ليستنتج علاقة من نوع آخر تقول: إن الجسم إذا تعرض لقوّة تحرّكه فلن يكفّ عن الحركة وإن انتهت تلك القوّة إلى أن يتعرّض إلى قوّة توقفه.
وهذا الاتجاه الحسّي يعني تشجيع الباحثين في قضايا الطبيعة وقوانين الظواهر الكونية على التوصّل إلى ذلك عن طريق مرحلتين:
• الأولى: مرحلة الحسّ والتجربة وتجميع معطياتهما.
• الثانية: مرحلة عقلية وهي مرحلة الاستنتاج والتنسيق بين تلك المعطيات للخروج بتفسير عامّ مقبول.
ولم يكن الاتجاه الحسّي في واقعه العلمي وممارسات العلماء له يعني الاستغناء عن العقل, ولم يستطع أيّ عالم من علماء الطبيعة أن يكتشف سرّاً من أسرار الكون أو قانوناً من قوانين الطبيعة عن طريق الحسّ والتجربة إلا بالعقل، إذ كان يجمع في المرحلة الأولى الملاحظات التي تزوّده بها تجاربه وملاحظاته ثم يوازن في المرحلة الثانية بينها بعقله حتى يصل إلى النتيجة.