من ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده، ومن خاصمه الله أدحض حجته. ( نهج البلاغة ٣: ٨٥ )      أشد الذنوب ما استهان به صاحبه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)      الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق. ( نهج البلاغة ٤: ٩١)      ما أكثر العبر وأقل الاعتبار. ( نهج البلاغة ٤: ٧٢)      
البحوث > المتفرقة > الحرية والإخاء والمساواة الصفحة

الحرية والإخاء والمساواة من المبادئ الاساسية في الإسلام
محمد حلمي عيسى
من توفيق الله أن اختارت (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية)(١) لمجلتها عنواناً متضمناً غايتها، جامعاً لأهدافها، وهو (رسالة الإسلام)، فإن رسالة الإسلام تنطوي على تبليغها لأهله فيعملون بأحكامها، ويتبعون أوامرها ونواهيها ولغيرها، فيفهمون سماحتها وعدلها، ويقفون على ما تقضي به من مساواة بين الناس جميعاً، وحرية وأمن، ويسلمون بفضائل الإسلام، وبأنه دين يسر لا دين عسر، وبأنه صالح لكل زمان ومكان، يقر للفرد بحقه وللأسرة بكيانها وحرمتها وللعقائد الدينية باحترامها، وحرية إقامة شعائرها، وللدولة بنظامها وسلطانها في حدودها المشروعة، ويوحي بأن الله يؤتي الحكمة من يشاء، ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وينهى عن الغدر والخيانة، وعن الاثم والعدوان، وأن لا عقاب الا بعد النهي والتحذير (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).
لذلك اخترت الموضوع الذي اتخذته عنواناً لأنه بلغّه العصر الحديث شعار الديموقراطية عند الافرنج، والجامع لحقوق الإنسان التي أعلنها الفرنسيون في أواخر القرن الثامن عشر إبان الثورة الفرنسية بعد أن قررتها جمعيتهم الوطنية وهم يجملونها في هذه الكلمات الثلاث (الحرية والإخاء والمساواة) ولأبين أنها من أسس الدين الإسلامي منذ نشأته أي من نحو أربعة عشر قرنا.
يتغنى بهذه المبادئ كتاب الافرنج، ويفخرون بأنها سرت سريان الضوء في جميع الشعوب الاوروبية التي تقبلتها قبولا حسناً حيث صادفت هوى في افئدة أبنائها كما تلقفتها جميع البلاد المقهورة على أمرها، والواقع أنها اخرجتهم من الظلمات إلى النور وقضت على ما كانوا يرزحون فيه من قيود الاستبداد والاستعباد حيث كان الفرد يلقى في غياهب السجون بلا ذنب معين، ولا زمن محدد حتى يكاد ينسى إلى أن يأتيه القضاء المحتوم، وبددت نظام الاقطاعات التي كان يسودها سيد مطاع، لا معقب لأمره، له السيطرة التامة على مسوديه في الأموال والأرواح.
ومن يتأمل ير أنها في ذلك الوقت وهو وقت إعلانها ووقت شيوعها وذيوعها لم ترن هذا الرنين، ولم تطن هذا الطنين، في أهل البلاد الإسلامية، لأنه لم يكن لها من أثر في أنظمتهم ولا في حياتهم العامة أو الخاصة، فلم يعتبر الإسلام الفرد مسلوب الارادة،

(١) حضرة صاحب المعالي محمد حلمي عيسى باشا هو أحد الاعضاء المؤسسين لجماعة التقريب.