العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)      المرء مخبوء تحت لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ٣٨)      لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الأحمق وراء لسانه. ( نهج البلاغة ٤: ١١)      لا ورع كالوقوف عند الشبهة. ( نهج البلاغة ٤: ٢٧)      ظلم الضعيف أفحش الظلم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      
البحوث > المتفرقة > اللهجات العامية أصولها ومصادرها الصفحة

اللهجات العامية أصولها ومصادرها والفصيح في العامي
د. حسن جعفر نور الدين*

مقدمة
 الإقدام على هذا البحث (اللهجات العامية أصولها ومصادرها، أو الكلمات الفصحى في ألفاظ العامة)، وقد سبق لكثيرين من الأدباء والعلماء أن خاضوا في هذا الميدان، وقدّموا أعمالاً موفّقة تسترعي الانتباه، منهم العلامة الشيخ أحمد رضا في كتابه (ردّ العامي إلى الفصيح)، والذي جاء على هامش كتابه الجامع (متن اللغة)، والباحث الدكتور أنيس فريحة في كتابه (معجم الألفاظ العامية في اللهجة اللبنانية)، والسيد رشيد عطية في كتابه (معجم عطية في العامي والدخيل) وغير ذلك من الكتب والدراسات والبحوث، والتي شجّع عليها ودعم كثيرًا منها مجمع اللغة العربية في كل من القاهرة ودمشق وبغداد.
والمتبصّر، أو المتتبع لحركة التخاطب بين الناس في أعمالهم ووظائفهم ومجالسهم وممالحاتهم، يُدرك أنه منذ القديم كان هناك اختلاط بين العامية والفصحى، والبشر - قبل أن تستقيم لكل جماعة منهم لغة فصيحة عامّة متوافَق عليها ومعتَمدة مكرّسة - كان لهم لهجات عامية متداولة بين أفراده يتفاهمون بواسطتها على مجمل وسائل حياتهم ومنافعهم وعلاقاتهم، إنها اللغات أو اللهجات المحكية التي لا يخلو شعب على وجه الأرض منها، وهي التي عبرها ومن خلالها نمّى كل شعب لغته.
والملاحظ أن كثيرًا من الألفاظ العامية- إن لم يكن معظمها- نابع من أصول فصيحة، إذ يتداولها العامة ويُخضِعونها لإمالاتهم وتفخيماتهم واختزالاتهم ومقاييسهم وتأثيراتهم، بما يداخلهم من لهجات ولغات أخرى بفعل العلاقات الشخصية الاجتماعية والإنسانية والعلاقات المتنوّعة، فيلتبس العامي بالفصيح، دون أن نُنكر وجود لهجات عامية مَحضة، لا تمتّ إلى الفصحى بصلة، وهي نتيجة توارث وتعاقب الأجيال، أضف إلى ذلك ما يَفِد إلى اللغة من ألفاظ وكلمات ومصطلحات عبر التاريخ، محلية كانت أم أجنبية.
الاشتقاقات
وكما يشتق اللغويون من اللغة الفصحى كلمات شتّى اتفقوا على تسمية كلّ منها، ووضعوا له ميزانًا خاصًا على مقاسه، فإنهم يصرّفون الكلمات فيضعون لها موازين متنوعة، مثال ذلك أن تأتي إلى كلمة (ضَرَبَ) مثلاً، فتبني منه مثل (جَعْفَر)، فتقول (ضَرْبَب) ومثل (مِمْطِر) -ضِرْبِب-، ومثل (دِرْهَم) – ضِرْبَب-، ومثل (عَلِمَ) - ضَرِبَ-، ومثل (ظرف) ضرْب، مما يدل على إمكانية تصريف الكلمة في وجوه كثيرة.

* أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية في صيدا.