آلة الرياسة سعة الصدر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)        بئس الطعام الحرام. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      من زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. ( نهج البلاغة ٤: ٨ )      الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. ( نهج البلاغة ٤: ٧٩)      
البحوث > المتفرقة > ابن العلقمي وحقيقة سقوط بغداد وزوال الدولة العباسية الصفحة

ابن العلقمي وحقيقة سقوط بغداد وزوال الدولة العباسية
الاستاذ طارق شمس
مقدمة
يوم الأحد في الرابع من صفر لسنة ٦٥٦هـ-١٢٥٨م سقطت عاصمة الخلافة العبّاسية "بغداد"، بعد حصار مغولي قاده حفيد "جنكيز خان" -مؤسس الإمبراطورية المغولية- "هولاكو"(١).
ويذهب العديد من المؤرخين، إلى اعتبار أن سقوط الخلافة العباسية، وتمكّن المغول من المسلمين، كان سببه -بالإضافة إلى القوة العسكرية المغولية وتشتت المسلمين- "الخيانة"، من قِبل عدد من رجالات الدولة العباسية، وبالأخص "ابن العلقمي"(٢) وزير الخليفة العباسي الأخير المستعصم وهو من الشيعة الاثني عشرية (٦٤٠-٦٥٦هـ).
وهي اتهامات أصبحت عند "البعض" من المسلّمات، من دون تمحيص أو دراسة علميّة صحيحة للأوضاع المحيطة بالبلاط العباسي، وبالدولة الإسلامية في الشرق، وبالتحديد في بلاد العراق والشام...
في الواقع، لو عدنا إلى بلاط المغول، حيث العاصمة "قراقورم" في الصين -ولن ندخل في تفاصيل تحرك المغول نحو المشرق الإسلامي- للاحظنا أن الخان الأكبر للمغول في تلك الفترة "منكوقاآن" -أحد أحفاد "جنكيز خان"- ومع وصوله إلى عرش الإمبراطورية المغولية، بدأ العمل للسيطرة على البلاد التي لم تخضع من قبل للدولة المغولية، فأوعز إلى أخيه "هولاكو" بالتحرك للقضاء على "الإسماعيليين" ودخول بغداد، ويبدو أن هنالك من عمل على تحريض "منكوقاآن" على الإسماعيليين، حيث كان يتردد على "منكوقاآن" قاضي القضاة شمس الدين القزويني، الذي كان يوغر صدر "القاآن" على الإسماعيليين.
يؤكد ذلك عدد من المؤرخين الذين يظهرون دور القزويني في تحرك جيوش المغول على الشكل التالي:
-"في ذلك الوقت كان قاضي القضاة المرحوم شمس الدين القزويني موجودًا في بلاط الخان، وذات يوم ظهر للخان مرتديًا الزرد وأخبره أنه يلبسه تحت ثيابه خشية الملاحدة، كما سرد له طرفًا من اعتداءاتهم وعاداتهم"(٣).

(١) قائد الحملة المغولية على المشرق الإسلامي، أحد أحفاد جنكيز خان.
(٢) هو محمد بن أحمد بن علي بن أبي طالب (٥٩٣-٦٥٦هـ)، مؤيد الدين الأسدي ، وزير المستعصم العباسي ، اشتغل في صباه بالأدب واصبح وزيرًا عام ٦٤٢هـ، فتولاها أربعة عشر عامًا ، كان حازمًا خبيرًا في سياسة الملك ، كاتبًا فصيح الإنشاء ، اشتملت خزائنه على عشرة آلاف مجلد ، أهين على يد المغول بعد دخولهم بغداد ، ومات غمًا حيث دفن في مشهد الإمام موسى بن جعفر   × (خير الدين الزركلي ، الأعلام : ٥/٣٢١).
(٣) الهمذاني، رشيد الدين فضل الله، جامع التواريخ، ترجمة محمد صادق نشأت وآخرين، القاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دون تاريخ، م٢،ج١،ص٢٢٣.