الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      لا ورع كالوقوف عند الشبهة. ( نهج البلاغة ٤: ٢٧)      الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة. ( نهج البلاغة ٤: ١٤)      كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      أقيلوا ذوي المروءات عثراتهم. ( نهج البلاغة ٤: ٦)      
البحوث > المتفرقة > الأذان وحقوق الجيران الصفحة

الأذان وحقوق الجيران
الشيخ ابراهيم الانصاري
 

تزاحم الأذان وحقوق الجيران
جرى الكلام في بعض المحافل العلمية عن مسألة تزاحم الشعائر الدينية مع بعض الحقوق الفردية، مثل كون الأذان أو الشعائر الحسينية أو غيرهما مما يتأذى بها بعض جيران المسجد لكونه مريضًَا عصبيًا أو نفسيًا يتضرر به أو لغير ذلك، وقد أصرَّ بعض الفضلاء على تقديم حق المتضررين ومنع الأذان وغيره من الشعائر، ولم يلتفت إلى مرجحات باب التزاحم، ولا مرجحات تزاحم الحقوق ورعاية الأهم والمهم وإنما نظروا إلى حق المريض وأوجبوا مراعاته ولو بتضييع حقوق الأصحاء من جهات أكثر وأهم.
فطلب مني بعض الأفاضل أن أشير إلى وجوه الخطأ في هذا الرأي الجديد، فأشرت إليها في ضمن مقدمات سبع قصيرة.
وقبل البحث أشير إلى نكتة واضحة احتياطًا ، وهي أن المراد من المقال الدفاع عن مطلق نشر الأذان بالمكبرة في نفسه ، ولا نتعرّض للموارد الخارجة عن المتعارف الذي يؤذي الأصحاء فضلاً عن المرضى ، أو يشتمل على خصوصية أزيد من الأذان المتعارف ، مثل نشر الأدعية والقرآن طويلاً قبل أذان الصبح أو غير ذلك من الأمور الخارجة عن الأذان المتعارف في هذا الزمان .
المقدمة الأولى: السيرة المستمرة
إن الاهتمام بآراء أهل العلم وكبار العلماء والفقهاء والفلاسفة وغيرهم سيرة عامة لجميع العلماء والعقلاء، فتراهم في أول كل مسألة علمية يتعرضون لآراء العلماء ويناقشونها مع أدلتهم ولا يتساهلون في أمرهم، ولا يسرعون إلى مخالفتهم إلا إذا التفتوا إلى تحقيق علمي خفي عليهم مع نهاية الاحتياط.
وإما إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه الفقيه المتأخر مذكورًا في كتبهم، أو كان أمرًا بديهيًا لا يحتمل غفلتهم عنه، فالعدول عن رأيهم حينئذ لأجل أمر بسيط أمر منكر.
كما في مسألة الأذان، فإن رفع أصوات الأذان بين المؤمنين وكون بعض الأفراد من المرضى وغيرهم يتضررون كان أمرًا شايعًا في طوال التاريخ من زمن النبي (ص) إلى زماننا هذا، ولو اكتفينا بما رأيناه لكفانا.