أحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)       أصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك. (نهج البلاغة ٣: ٣٩)        ربما كان الدواء داءّ والداء دواء. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        إسع في كدحك ولا تكن خازناً لغيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      كثرة الإطراء تحدث الزهو وتدني من العزة. ( نهج البلاغة ٣: ٨٨ )     
البحوث > المتفرقة > السنن الإلهية في الحياة البشرية (2) الصفحة

السنن الإلهية في الحياة البشرية (٢)
السيد عادل الحكيم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
وصلنا في القسم الأول إلى نظرية الإنسان القاهر التي ترجح كفة الإنسان على الطبيعة وتبتني على قوة الإنسان وقدرته على تسخيرها.
وأن الإنسان هو صاحب الكلمة الفصل على هذه الأرض وما حولها.
وهذه النظرية وإن كانت أقرب من أختيها إلى حال الإنسان وواقعه من حيث العقل والإرادة الإنسانية خصوصاً في العصور المتأخرة التي شهدت قفزات علمية مهمة، في مختلف مجالات العلوم حيث تمكن من توجيه مجموعة من قوى الطبيعة لصالحه وصيرها بإبداع وذكاء فريدين، كالنفظ والغاز والذرة والكهرباء والرياح والنور بأنواعه والمعادن بأنواعها.
إلا أن هذه النظرية لا تخلو من غرور وإعجاب زائد بالنفس، إذ إن كل الإنجازات العلمية، من اكتشافات لقوانين الطبيعة، واختراعات لأدوات اكتنفت الإنسان واتكأت عليها حياته بجوانبها المختلفة، كل ذلك لا يشكل شيئاً في مقابل العوالم المجهولة وطبقات الجهل التي لا تزال تطبق على الدنيا وما فيها. ابتداءً من غوامض بدن الإنسان ومجاهيل أعضاءه، وانتهاءً بالفلك الرحب الذي توزعت في أرجاءه أبصار العلماء وتناثرت فيه طموحاتهم العلمية وأرواحهم الوثابة للاكتشاف والمعرفة. ناهيك عن الجهل المخجل بما وراء الطبيعة الذي وصل إلى حد إنكاره والسخرية منه.
فنسبة ما نعرف إلى ما لا نعرف كالقطرة إلى المحيطات المتمادية أو كالكسر العشري بالقياس إلى الأعداد اللامتناهية.
وكلما فتح لنا العلم نافذة على الحقيقة فتح علينا معها أبواباً من التساؤلات، لنغرق أكثر وأكثر في رمال الاستفهام المتحركة.